الاثنين، 31 مارس 2014

ليتك تدري كم أحبك … الفصل الثالث


ليتك تدري كم احبك

الفصل الثالث



دخل أديب إلى منزل والديه مرهقاً في الساعة الثالثة ظهراً فقبلهما قبل أن يلقي بجسده المنهك على أول كرسي صادفه فسأله والده :
" كيف عملك يا بنىّ ؟"

هز أديب رأسه وهو يقول :
" لا بأس أحاول التوفيق بين عملي وأعمال أخي "

" وفقك الله يا بني لابد أنك جائع "

ابتسم أديب لوالدته وهو يقول :
" بل أكاد أموت من الجوع "

فقالت بسرعة وهي تدخل المطبخ :
"إذن غير ثيابك بسرعة ريثما أحضره لك "

قفز بسرعة على قدمه وسارع لحجرته يبدل ملابسه ..وعندما عاد لمح شقيقته فأبتسم لها وهو يسألها :
" نهلاء كيف حالك ؟؟"

" بخير "

فصمت قليلا وهو يعبث بطبقه ثم سألها :
" وكيف حالها ؟"

نظر الجميع إليه ثم قالت والدته :
" رغم انتهاء العدة إلا أنها مازالت محطمة وأظنها لم تذهب للجامعة بعد "

" أريد محادثتها " أعلن أديب

نظرت أمه إليه بدهشة وهي تسأله :
" لماذا ؟؟"

اعتدل أديب في جلسته وهو يقول:
" لم أستطع محادثتها أو محادثة والدها ..لكن فريد وضع لها أسهم في الشركة وأحتاج لبعض التوقيعات منها وأريد أن أخبرها بكل مستحقاتها فهي لم تسأل عنها "

هز والده رأسه وهو يقول :
" أجل يجب أن تخبرها "

" سأتصل بمنزلها مساء بإذن الله "

                            * *

" سالي ..أديب على الهاتف يريدك "

نظرت سالي إلى والدها بحيرة وهي تكرر " أديب !!"

ناولها الهاتف وهو يقول بخفوت :
" أديب شقيق فريد "

بدا الحزن على ملامح وجهها قبل أن ترفع السماعة إلى أذنها
" نعم "

تسلل صوت أديب إلى مسمعها مرحبا
" سالي ..كيف حالك ؟"

" بخير ..ماذا تريد ؟"

صمت أديب للحظة وهو يفكر " مازالت حزينة فهذه اللهجة الخشنة لم تكن تسمع من بين شفتيها " فتنحنح ثم قال :
" في الواقع يا سالي أردت محادثتك في أمر هام ..إني أتولى أعمال شقيقي حاليا وبمراجعة الأوراق وجدت أن أخي قد أمن لك مستقبلاً زاهرا فكنت أتساءل هل أرسل لك الأوراق لتري ماذا تودين أن تفعلي إما أ، .."

قاطعته سالي :
" هل تنوي تصفية أعماله ؟"

" لا أنا أتولي الإشراف عليها و.."

عادت سالي لتقاطعة من جديد وهي تقول :
" إذن تولى أمرها أنت "

صمت أديب للحظة ثم قال :
" أى تريدين استمرار كل شئ ويصلك إيرادك بانتظام "

لم تجبه سالي لكنه خيل إليه أنه يسمع شهقات متقطعة وكأنها تبكي فهمس:
" سالي "

لم تجبه فقال :
" الموت حق يا سالي . لقد قدر له أن يموت ولا أظن أن فريد أراد يوما أن تتركي جامعتك وحياتك من أجله "

انتظر أن يسمع شيئا منها لكنها ظلت على صمتها فقال لها :
" عودي إلى حياتك يا سالي وابتسمي من جديد أذكر أنه قال رحمه الله حين رأيته في ألمانيا أنه يود لو تظلي سعيدة دوما "

أخذت سالي تبكي وهي تهتف :
" لماذا . أخبرني لماذا ..لقد ذهب وتركني .."

" سالي ..سالي ..انتظري " نادها أديب لكن بدلا من أن يسمع صوتها مجددا سمع صوت والدها الحزين وهو يقول له :

" معذرة يا بني لكنها لم تشفى من ألمها بعد "

" عليها يا عمي أن تتعايش مع الوضع "

تنهد والدها بحرارة ثم قال :
" أخبرني كيف ..لقد هزل جسمها وهي تصاب بحالات إغماء وترفض الذهاب للطبيب "

صمت أديب ثم قال :
" إنها تحتاج للحب يا عمي ..إلى زوج "

" زوج !!" هتف والدها بدهشة ثم غمغم :
" ربما ..ربما ولكن ما أدراني كيف سيكون زوجها هذا "

صمت أديب للحظة ثم قال بهدوء :
" سيكون بخير يا عمي وسيحرص على سعادتها وراحتها فقط عندما توافق"

تساءل والدها :
" على ماذا توافق ؟؟"

" على الزواج مني "

صمت الأب من الدهشة وانعقد لسانه ولم يستطع أن يقول شيئا فودعه أديب وأقفل الخط ..

                     * * *

  " تتزوجها ..إنها أرملة شقيقك "

صاحت أمه باستنكار فهز كتفيه بحيرة وهو يقول :
" وماذا يعني هذا ..سأعاملها معاملة حسنة وستسعد معي "

لم تستطع الأم هضم ما قاله ابنها فهتفت بإستنكار :
" ماذا يقول الناس ..مات الأول فنزوجها الثاني "

نظر إلى والدته ثم قال :
" أنت تعرفين سالي يا أمي مهذبة وخلوقة ما الضرر في الزواج منها..أخبريني ما أدراك أن من يتزوجها سيعاملها جيدا ويجعلها سعيدة كما كانت مع شقيقي "

ربت الأب على كتفه ابنه ثم قال :
" عليها أن توافق أولاً يا بني قد لا تفعل "

شهقت أمه باستنكار وهي تقول :
" ولماذا لا توافق ؟؟ أين ستجد مثل ابني ؟"

فضحك الأب وأديب وهتف الأخير :
" كما قال أبي يا أمي على سالي أن توافق ..وهذا دوري "

وأخذ يفكر في خطة يجعلها توافق عليه كزوج
نظرت سالي إلى والدها بعينين خاويتين من التعابير وهي تقول :

" الزواج .. لماذا يريدون كلهم الزواج الآن ابن عمي أولا ثم جارنا ثم قريب ماما والآن أديب ..لابد أنه مجنون "

فهز والدها رأسه وعيناه تلمعان :
" لا لقد طلبك أديب ولأكون صادقا فأنا أراه أكثر المتقدمين مناسبا وسيكون هو الأقدر على اسعادك و.."

قاطعته سالي وهي تقول :
" لكني لا أوافق "

هز والدها رأسه بإستنكار وهو يسأل :

" لماذا ؟؟ " وتبدل صوته إلى الاحترام وهو يقول :
" إن أديب رجل لقد حمل أعباء أخيه بعد وفاته حتى أنه تخلى عن أعماله في أوربا وتخلى عن المستشفى وتفرغ للاهتمام بأعمال والده وشقيقة "

غضبت سالي من حديث والدها عن أديب فهتفت به :
" أرى أن تتوقف عن التغزل به فلست تعلن عنه فأنا أعرفه لكني أرفض "

فنظر والدها إليه بضيق وهو يتساءل ماذا سيقول لأديب غداً ..لكن أديب لم يغضب بل ابتسم وهو يؤكد له :
" لابد أن ترفض يا عمي لأنها ستظن أن في هذا خيانة لذكرى فريد ولقد توقعت أن ترفض "

نظر والدها إليه بدهشة ثم سأله :
" وماذا ستفعل ؟؟"

ابتسم أديب بهدوء وهو يقول :
" سأظل ألح عليها إلى أن تنبذ فكرة الخيانة وتقتنع بي  سأظل أطلبها مئة مرة وثق يا عمي أنها لو وافقت فلن تندم أبدا "

ونهض بعد أن قبل كف والد سالي وهو واثق بأنه قد كسب حليفا ولقد تحقق ظنه فما أن انصرف حتى ذهب والد سالي إلى زوجته وأخبرها بما جرى فابتسمت بإعجاب وهي تقول :
" يا له من رجل ..ارجوا من الله أن يكون من نصيب ابنتنا "

هز والدها رأسه وهو يقول :
" المهم أن توافق أولاً "

" ستوافق يوما ما "

فابتسم والد سالي وانصرف ليحدث ابنته في الأمر وهو متأكد أنها سترفض ولكنه سوف يقنعها .

كادت سالي أن تصاب بالجنون أربعة أشهر مرت على تقدم أديب لها ولم يعد هناك حديث إلا عن أديب وعن لطف أديب ورقة أديب وأصبح يحدثها هو دوما بحجة الأعمال وفي نهاية حديثه يعود ويحاول اقناعها لم يمل من الرفض ولم ييأس ولقد قررت أن ترفض إلى أن يمل ولكنها اكتشفت أن هذا لم يحدث يوم دخل والدها وهو يقول :
" إلى متى سترفضين أديب يا سالي "

عقدت سالي حاجبيها وهي تقول :
" لا أريده يا أبي ..وأنا لن أتزوج أبدا "

نظر إليها والدها بتعجب للحظة ثم قال بحزم :
" ستتزوجين أديب لقد أعطيته كلمتي "

ذهلت سالي ووالدها يستطرد :
" لقد طلبك أمام أعمامك وبعض الأصدقاء ولم أستطع رده "

بهتت سالي وهي تسمع ما قاله والدها وراقبته وهو ينصرف وقبل أن يغلق الباب قال :
" الملكة بعد أسبوعين ..استعدي "

واغلق الباب بعنف ..

تأملت سالي الباب بصمت ثم أغمضت عينيها بأسى وهي تتذكر زوجها المتوفى كيف ستكون لغيره كيف ستحب غيره لقد كان الأول في حياتها والآن سيكون شقيقه التالي .

ووافقت بسبب موافقة والدها لكنها ستجعل أديب يرفض من طلباتها الكثيرة  ..

ليست هناك تعليقات:

إرسال تعليق