الفصل الثاني
احتضنت سالي والدتها بحب وأخذت تحكي لها عن سعادتها بينما الوالدة
تبتسم لها بحب وبعد فترة حضر بعض أقـارب سـالـي ووالدة زوجـهـا، استمتعت معهم
وغفلت عن الوقت وحين انصرف الجميع وبقيت مع والدتها وحماتها أرادت أن تنصرف لكن
حماتها رفضت وأخبرتها أنها ستوصلها في طريقها رغم خوفها من غضب زوجها إلى أنها
بقيت في النهاية واشتركت في الحديث معهما وبينما هي تتحدث مع حماتها سألتها
والدتها :
" كيف هي العادة معك يا سالي وآلام معدتك التي أخبرتني عنها
؟"
التفتت سالي إلى والدتها وهي تجيبها :
" لقد خفت الآلام والغثيان كثيراً لكن العادة لم تأتني بعد رغم
أن وقتها قد أتى هل أذهب للطبيبة في رأيك ؟"
تبادلت والدتها وحماتها الإبتسام وقالت الأخيرة :
" من الأفضل أن تفعلي سنذهب لعمل التحاليل ثم أخذك لمنزلك هيا
بنا؟"
نهضت سالي مع حماتها وهي تفكر هل هي حامل ؟؟ وبعد أن ذهبتا للمستشفى
وعملت التحاليل وأخذت موعد مع الطبيبة لمعرفة ما بها أوصلتها حماتها لمنزلها فدخلت
بسرعة وارتاحت حين لم تجد فريد في المنزل لكنه حضر بعد نصف ساعة والغضب مرسوم على
وجهه فابتسمت سالي في وجهه وهي ترحب به لكنها أطلقت آهة ألم حين أمسك بذراعها
بقسوة وسألها :
" لماذا تأخرت ؟ إنها العاشرة "
ارتعشت من غضبه فهمست لتخفف من غضبه :
" لقد رفضت والدتي أن أخرج في السابعة بسبب الضيوف ثم عدت مع
والدتك بعد أن انصرفوا "
حدق فريد بها دون أن يتحدث واستدار فقالت له :
" صدقني لم أقصد أن أتأخر و..أه "
تفاجأت سالي حين صفعها فحدقت به بذهول وهو يقول :
" هذه حتى تتذكري حين تتأخري مرة أخرى "
غضبت سالي منه فصاحت به :
" كيف تجرؤ على ضربي هكذا وأنا لم أفعل شيئاً إن لم تصدقني اسأل
والدتك وكذلك أمي "
تجاهلها فريد واستدار ليسير لكنها أمسكت بذراعه بقوة وهي تقول :
" اسمعني أولا ثم اذهب ليس من حقك ضربي أبدا سألتجأ إلى والداي"
استدار فريد وهم بضربها لكنها فرت منه فأسرع خلفها ومن سرعتها سقطت
عبر الدرج فصاح باسمها لكنها وقفت رغم ألمها وتجاهلته ظننا منها أنه سيضربها ففتحت
باب المنزل لكن فريد أمسك بشعرها ففلت منه لكنها فقدت توازنها وتدحرجت لتصطدم
بعامود حديدي في جنبها فزاغت عينيها من الألم ولم تدرك بأن المسبح قريب منها فزلت
قدمها وسقطت على مؤخرتها على حافة المسبح ثم سقطت في الماء توقف فريد فجأة وسار
مسرعا نحو المسبح فوجدها تغوص فأسرع وقفز خلفها ليحملها إلى الخارج وحملها إلى
حجرة نومهما ومددها على السرير وحاول إيقاظها بفزع وأخيرا فتحت عينيها وحدقت به
فقبلها وهو يعتذر منها فأغلقت عينيها وهي تعض على شفتيها من الألم ولاحظ فريد بقعة
دم في جنبها فألبسها عباءتها وحملها للمستشفى مسرعا .
نظر فريد إلى الطبيب بقلق وسأله عن زوجته فابتسم الطبيب وهو يقول :
" من الأفضل أن تمنعها عن الركض بالمزلاج مادامت لا تجيد ذلك
"
" هل اصابتها سيئة يا دكتور؟"
ابتسم الطبيب وهو يجيبه :
" لا أبداً تستطيع أخذها معك الآن ولكن أخبرها أن لا تلعب
بالمزلاج "
فابتسم فريد وهو يخرج ويساعد زوجته وظلا صامتين طوال الطريق للمنزل
ولم يتحدث أياً منهما بأي كلمة حتى وصلا إلى حجرة النوم في المنزل هناك نظر فريد
إلى سالي وهمس وهو يساعدها على ارتداء ثوب نومها :
" سالي أنا أسف لم أقصد صدقيني لن يحدث مني ذلك أبداً "
حدقت سالي بفريد ثم جلست على حافة الفراش وهي تقول :
" لم أفعل شيئاً يذكر وحدث هذا ماذا لو فعلت ؟ كيف ستعاملني
؟"
امسك فريد بكف سالي وهو يقول :
" أنا آسف يا سالي لن يصدر مني شيئا كهذا أبدا صدقيني "
حدقت بوجهه بصمت ثم ابتسمت فضمها لصدره بقوة وهو يزفر بارتياح فارتاحت
على صدره وبدأت تغفو على نبضات قلبه .
مكثت سالي في اليوم التالي في المنزل وكذلك فعل فريد ومكث معها طوال
اليوم وخرجا للتنزه وكأنه يريد التعويض عما حدث بالأمس فشعرت سالي بالسعادة لقد
كان معها في منتهى اللطف والحنان عبثا معاً وظلا معاً يضحكان حتى أنتصف الظهر وفي
ذلك الوقت جذبها فريد معه للفراش فنامت في أحضانه ..
مر أسبوعان على الحادثة شعرت سالي خلالهما أنها عادت إلى أيام زفافها
الأولى فقد غمرها فريد بكل اللطف والمحبة وتساءلت ماذا سيفعل لو علم بأنها حامل هل
سيفرح وظلت في انتظار حضوره بمنتهى الصبر وأخيرا حل موعد قدومه وما أن فتح الباب
اندفعت سالي تحتضنه فضحك وهو يرفعها بين ذراعيه وتساءل بخبث :
" هل اشتقت إلي لهذه الدرجة ؟؟"
فضحكت سالي وهو تجيبه :
" لا بل ابنك اشتاق لك "
" ابني؟؟.. يا إلهي هل أنت حامل ؟"
ابتسمت سالي فقفز فريد بفرح وهو يضمها إليه ويدور بها في أنحاء المنزل
فضحكت سالي وهي تقول :
" رويدك يا فريد لقد أصابني الدوار "
توقف فريد بغته وحملها لحجرة النوم وهو يقول :
" سترتاحين في الفراش منذ الآن وصاعداً "
حاولت الجلوس لكنه رفض ونهض وهو يترنم بلحن قديم وأخذ حماما سريعا
وخرج واستلقى بجوارها وأخذ الهاتف في حضنه وأخذ يهاتف عائلته وعائلتها بينما هي
تتأمله بسعادة فأغمضت عينيها ولكنها سرعان ما فتحتها حين شعرت بكف فريد تتحرك على
معدتها وسمعته يهمس :
" ولد أم بنت سيكون الجنين ؟"
لم تعطه جواباً بل أخذت تتأمله فابتسم وقبلها على شفتيها ثم قال :
" ارجوا أن يكون هو الولد الصالح الذي نتمناه "
جلست سالي في الظل تتابع فريد بينما هو يسبح ولم تستطع أن تحجب نظرة
الإعجاب التي في عينيها عندما خرج زوجها من المسبح واقترب ليجلس بجوارها فسألته
وهي تقدم له كأس العصير :
" كيف هي سباحتك ؟"
أومأ برأسه دون أن يجيبها ..بل أخذ يشرب العصير حتى نفذ فبدا الامتعاض
على وجهه مما دفع بها إلى الضحك فدفعت بكأسها إليه وهي تقول :
" هيا أيها الشره خذه ..إني أتساءل من سيكون الطفل الذي سأعتني
به أنت أم القادم "
" أنا بالطبع .. فلن يشغل وقتك وقلبك سواي "
رفعت حاجبيها وهي تعيد عبارته ثم قالت له :
" مغرور ..مغرور ..مغرور .. وألف مغرور "
فأبتسم وهو يقول :
" أفضل أن ندخل الآن إلى الداخل ثم تناقش مسألة الغرور هذه .."
" حسناً " ونهضت معه إلى داخل الفيلا ولم تكد تفتح شفتيها
حتى رن جرس الهاتف منتزعا زوجها من مكانه ..فجلست أمام التلفاز تقلب قنواته حتى
استقرت على فلم أجنبي تقدمه إحدى القنوات الفضائية فظلت تتابعه بعدما انشغل زوجها
بهاتف عمل..لم نشعر سالي بنفسها وهي تغفو..إلا عندما هز فريد كتفها ففتحت عيناها
لتجد نظرة آسف على وجهه وهو ينظر للشاي الذي أعدته مع الحلوى فقال لها ..
" آسف يا عزيزتي ..لكن العمل أخذني .."
هزت كتفها وهي تقول :
" لا بأس لكن الشاي برد.. ما رأيك بآخر .."
" لا بأس "
فحملت الشاي وتوجهت للمطبخ حيث أعدت غيره ثم عادت نـجلـس بجواره ..
ناولته كوبه فشكرها وهو منشغل بقراءة بعض الأوراق ..حاولت أن تسلي نفسها بمتابعة
المسلسل المكسيكي المدبلج الذي نتابعه وهي ندعو أن يفرغ زوجها بسرعة..
" إني أتساءل ما الذي يعجبك في هذه المسلسلات المدبلجة إنها
سخيفة ومملة ..لقد تابعته معك قلت ربما لإهتمامك به لابد أنه ممتع لكني شعرت
بالضجر"
فقالت له : " هذا ليس بجديد ..فمعظم الرجال يقولون هذا "
فهز كتفه وهو يقول :
" ربما ..على العموم يا عزيزتي ..سأفتقدك لمدة من الزمن ..لأني
سأسافر.."
التفت نحوه بسرعة مما دفعه للابتسام :
" وهي رحلة لي وحدي ..ولن أستطيع أخذك خاصة وأنت حامل "
مطت شفتيها بضيق وهي تسأله :
" إلى أين تسافر؟ ..ومتى تعود؟ "
" سأسافر إلى ألمانيا لمدة أسبوعين من الزمان ..والسفر بعد
أسبوع"
ظلت تحدق إليه بعينين يائستين
مما دفعه للضحك فقال:
" لما هذا اليأس يا عزيزتي إنها مجرد أسبوعين "
ابتسمت ابتسامة باهتة وهي تقول :
" أجل أعرف ولكني أشعر بشئ ثقيل في قلبي .."
وضع كفه على صدرها فشعر بخفقات قلبها القوية فقلبها بهدوء وهو يقول :
" ما السبب في ضيقك يا عزيزتي "
لم تحره جواباً بل إلتصقت به فربت على كتفها ثم قال :
" أظنك بحاجة إلى النوم "
وعقب على كلامه بأن حملها إلى حجرة نومهما وهناك أجلسها على السرير
وساعدها على استبدال ملابسها ..أدرك شدة تكدرها عندما لم تطلب منه الخروج لاستبدال
ملابسها كعادتها ..وشعر بالدهشة تعلوه عندما بدأت تبكي بهستريا ..فتركها تبكي
لترتاح وعندما انتهت من البكاء ..سألها بحنان :
" هل تشعرين بالراحة الآن "
ابتسمت له وهي تقول :
" كثيرا .. شكراً لك "
فمال نحوها يقبلها بهدوء لكنها أبعدته وهي تقول له بخجل :
" فريد أنا آسفة ولكني أشعر بتعب شديد "
بدت نظرة متفهمة على وجهه وهو يساعدها للاسترخاء وقال وهو يطفئ
المصباح:
" لا عليك يا عزيزتي نامي الآن ..فهذا حقك "
وتأملها بحيرة شديدة ثم نام وهو يتساءل هل هي تقلبات الحمل الذي طالما
قرأ عنها ..ربما من يدري ..
* * *
سافر فريد إلى ألمانيا تاركاً
زوجته تحت رعاية عائلته..مضى فريد أسبوع في ألمانيا وهو يحادث زوجته يومياً إلى أن
أخبرها في آخر يوم له في ألمانيا أنه
سيعود في اليوم التالي ..فرح الجميع بعودته خاصة سالي كانت في شغف شديد ليرى زوجها
كيف أصبحت وهي حامل ..
وأتى اليوم التالي ذهب والده لاستقباله في المطار في جدة ..وبقى
الجميع في المنزل ينظرون قدوم الاثنين ..مرت ساعة واثنتين وثلاثة ولم يحضر أيهما
..بدا القلق على سالي جليا والخوف يقبض قلبها فطمأنتها والدة زوجها ..ومع رنين
الهاتف توقف قلب سالي خاصة مع الحزن التي بدت في عيني والدة زوجها..
" حصل حادث لهما ..وهما في المستشفى و.."
تجمدت سالي في مكانها من الذهول وهي تستمع لباقي الحديث ..والد فريد
في قسم الكسور أما فريد ففي العناية المركزة بين الحياة والموت ..سقطت على الأرض
وهي تردد إسم زوجها فتقدمت أمه نحوها :
" سالي اهدئي سينجو ..سنذهب لرؤيتهما تجلدي يا صغيرتي "
تقدمت سالي نحو الحجرة التي بها زوجها بوجل ،تمسكت بكف والدته حينما
رأت الطبيب يركض إلى حيث زوجها ليعلن بأسى موته ..توقف الزمن بالنسبة لسالي شعرت
بقلبها يخفق بعنف وقوة آلمتها فندت من بين شفتيها صرخة ألم وسقطت على الأرض ..
لم تشعر سالي بما حدث لها لكنها شعرت بألم في جسدها عندما فتحت عينيها
لكن الرؤيا كانت غائمة أمامها لمحت وجه رجل مألوف لديها لكنها لم تستطع تذكر من هو
لأنها سمعت صوت امرأة تبكي وتهتف :
" ابني وحفيدي ..يارب الهمني الصبر "
حفيدها ..ابني..صاحت سالي وهي تحس بطنها ،فسمعت صوتا رجوليا يقول :
" تمهلي على نفسك ..فمازلت متعبة ..وجسدك لن يحتمل صدمة أخرى
"
لم تستطع سالي تحمل صدمة فقدان زوجها وطفلها معاً فأخذت تبكي بهستريا
مما دفع بالطبيب أن يقوم بحقنها حقنة مهدئة أخلدتها للنوم على الفور.بكت والدة
زوجها بحزن وهي تقول :
" لم تحتمل المسكينة الصدمة "
فتنهد الطبيب وهو يقول :
" أين والديها لقد سألت عنهما "
وقبل أن تجيب دخلت والدة سالي الحجرة بينما وقف والدها مع رجل وسيم
خارج الحجرة صافحة الأب بقوة :
" شكراً لك يا أديب ..لقد فعلت الكثير كونك طبيب سهل الأمور
"
فأجابه أديب :
" فريد أخي الأكبر يا عم حسن ..وهذه زوجته أنا لم أفعل
شيئا"
ثم أردف حين سمع صوت والدته :
" أدخل لترى ابنتك يا عم حسن "
تنهد الأب فتنحنح أديب وهو يقول :
" أستأذن الآن .."
لكن لم يمنحه أحدا جواباً فخرج لكنه لم يغادر المستشفى بل توجه إلى
حجرة الطبيب ليطمئن على حالة زوجة أخيه .
نظر الطبيب إليه للحظة ثم أجابه :
" أنت زميل مهنة وتعرف أن حالتها ستكون بخير لو تماسكت ولو لم
تتعرض لصدمة أخرى ..تحتاج للرعاية والهدوء "
فشره أديب وغادر المستشفى بأكمله وذهب إلى المنزل مع والدته نظر والده
إليه بصمت فسأله أديب :
" أبي هل أنت بخير ؟"
نظر الأب إلى ابنه وهو يهز رأسه ثم أسبل عينيه ..القى أديب جسده
المنهك على الفراش وهو يفكر لقد مرت خمسة أيام على وفاة شقيقه وزوجته في حالة سيئة
من الصدمة لا يستطيع العودة إلى عمله في الخارج الآن فوالداه بحاجة له وهما
يطالبانه بتصفية أعماله في الخارج والعودة إليهما فمازالا حزينان وإن كانا يكابران
ويحاولان مزاولة حياتهما الطبيعية فتنهد بحرارة وهو يقول :
" رحمة الله عليك يا أخي .."
وخلد للنوم بسرعة لشدة إنهاكه ..
ليست هناك تعليقات:
إرسال تعليق