الثلاثاء، 11 مارس 2014

زوجي المجنون- البارت الخامس


أكبر من كل الكلمات

سيدتي ! عندي في الدفتر 
ترقص آلاف الكلمات 
واحدةٌ في ثوبٍ أصفر 
واحدةٌ في ثوبٍ أحمر 
يحرق أطراف الصفحات 
أنا لست وحيداً في الدنيا 
عائلتي .. حزمة أبيات 
أنا شاعر حبٍ جوالٌ 
تعرفه كل الشرفات 
تعرفه كل الحلوات 
عندي للحب تعابيرٌ 
ما مرت في بال دواة 
الشمس فتحت نوافذها 
و تركت هنالك مرساتي 
و قطعت بحاراً .. و بحاراً 
أنبش أعماق الموجات 
أبحث في جوف الصدفات 
عن حرفٍ كالقمر الأخضر 
أهديه لعيني مولاتي 

نزار قباني


البارت الخامس




" اسمي أماني .. وأنا على موعد مع أدعم .. أقصد السيد أدهم "
رفعت حاجبيها بدهشة ثم هزت كتفها وانحنت على جهاز الاتصال تقول :
" سيد أدهم هناك امراءة تدعى أماني تقول .."

قاطعها صوته بسرعة : " هل أتت أدخليها على الفور ألم أطلب ذلك "

فأحتقن وجه الفتاة مما دفعني للابتسام وقبل أن تتحرك فتح الباب وظهر أدهم على عتبته تماما كما كان قامته الطويلة منكباه العريضان جسده الرشيق شعره الفاحم لم يتغير أبدا فابتسم بترحاب وهو يمسكني من ذراعي ليدخلني مكتبه وهو يرحب بي 

" مرحبا يا أماني .. كم اشتقت لرؤيتك .. زمن طويل لم أرك فيه "

جلست بصمت فسألني بعد فترة قصيرة بصوت خافت : 
" كيف حالك يا أماني … وحال .. وحال زوجك "

تنهدت وأنا أجيبه : " أنا بخير .. ولدى ابنة اسمها أساهير " 

" رائع .. لابد أنها تشبهك "

فصمت وصمت هو الأخر يتأملني فقلت له بحرج " في الواقع أنا … " صمت وأنا أفكر فيما أريد قوله وعندما فشلت أخرجت المظروف وأعطيته إياه فأخذه مني متسائلا وحينما طالع ما فيه نظر إلى بدهشة فسألته :

" لماذا .. يا أدهم .. لقد فوجئت بهذه الرسالة أمس في منزلي "

" أمس ؟! ولكن يا أماني من المفترض أنك تعلمين منذ البداية منذ ثمان سنوات " 

هززت رأسي بعنف وترقرقت الدموع من عيني بغتة وأنا أقول : 

" خدعني نادر .. لم يخبرني بالأمر عندما حضر إلى المنزل أمس ليعيدني إليه وصلت رسالة تظهر أني أستلم المبلغ بانتظام وما أن أخبرني البنك بذلك حتى طلبت من البنك بان لا يصرف شيئا له لقد استغلني " 

نهض أدهم من مكانه وجلس أمامي وهو يسألني : " ولماذا غادرت منزلك ؟"

هززت كتفي وأنا أجيبه :

" لقد انقلب نادر فجاءة أصبح مجنونا يطربني ويهينني وأخيرا طردني ومنعني من رؤية أساهير "

" الوغد الحقير " صاح بغضب أجفلني ثم حن صوته وهو يسأل : " وأين تسكنين الآن ؟"


" في المنزل .. منزلنا "

نظر إلى بصمت ثم قال : " هذا يعني أني لو حضرت أول أمس إلى المنزل لكنت رأيتك هناك "

ثم سألني " وكيف تعيشين ؟؟"

ضحكت بسخرية وأنا أجيبه : " أعيش في المنزل .. وأبحث عن عمل فقد فشلت في الحصول على واحد بسببه ولكن أخبرني كيف حالك أنت لقد انقطعت أخبارك فجاءه"

فابتسم وهو يقول : " لقد كنت تتابعين أخباري إذن على العموم لقد سافرت إلى أمريكا ونجحت هناك وعدت لأنشأ أعمال أخرى هنا ولكي أطمئن عليك "

" على أنا "

أومأ برأسه ثم قال : " أخبريني ما رأيك أن نتناول الغداء معا "

" ماذا ؟" سألته مندهشة ثم نهضت وأنا أقول : " آسفة يا أدهم لكني لا أريد أن أثير كلام الناس من حولي بخروجي مع …"

قاطعني بحزم : " ستتناولينه معي ولن نفعل سوى الحديث فهناك توضيحات كثيرة لم نعرفها بعد وبالمناسبة كيف هي عهود "

ابتسمت وأنا أخرج معه : " مازلت تذكرها ؟؟"

" بالطبع عهود وعبير ولقد رأيت عبير في أمريكا فزوجها يعمل هناك ورأيت أمل فزوجها صديقي" ثم سأل " ألم تتزوج عهود رجلا يدعى رمزي "

أومأت برأسي فعاد يسألني : " وهل هو مريض بمرض مستعص ؟"

ذهلت من سؤاله فنظرت إليه ذاهلة مما جعله يضحك وهو يفتح لي باب السيارة وأجابني حين دخل السيارة :
" إني أملك المستشفى لقد فتحتها حديثا وبالمصادفة رأيت عهود في أحد المستشفيات وبالسؤال عنها عرفت بالأمر "

وأوقف سيارته وقادني برفق إلى داخل المطعم وبعدما جلسنا قلت له : 
" سأخبر عهود بأن تحضر زوجها إلى المستشفى الذي تملكه "

" ألا تتقابلان "

أطرقت وأنا أجيبه : " في الواقع لا .. فقد كانت مغمورة بمشاكلها مع رمزي وأنا مع نادر"

هز رأسه متفهما ثم قال : " من الأفضل أن تبدأي بتناول طعامك فقد فقدت الكثير من وزنك "

هزني اهتمامه بي وحنانه الدافق وبعد أن انتهينا سألني :
" حسنا يا أماني لقد ظللت طيلة الوقت وأنا أتساءل عن سبب طلبك الطلاق مني هل أسأت إليك أو قصرت في حقك " 

" ماذا " صحت مستنكرة " أنا طلبت الطلاق ؟ أنت الذي طلقني فجاءة دونما سبب " 

" أنا ؟ لقد أخبرتني عن رغبتك في الطلاق وأنك أصبحت تكرهيني لأني متسلط وفوضوي وعديم المسؤولية "

قاطعته ذاهلة " أنا ؟ متى كان هذا ؟"

ارتكز بظهره على المقعد وهو يقول : " الثاني من نوفمبر .. أي بعد اختفاءك بالله عليك أين اختفيت لقد أفزعتني بشدة ؟"

" لكن هذا مستحيل " هتفت ببطء " لقد كنت في المستشفى بعد الحادث الذي جرى لي، لقد طلقتني وأنا في المستشفى لقد طلبت من نادر إخبارك بالأمر "

" حادث ! لم يخبرني نادر بشئ قال أنك لا تريدين رؤيتي ولا تريدين المناقشة "

" نادر ! "هبط قوله على باردا كالثلج فنهضت من مكاني بصمت فتبعني بصمت هو الآخر وفي السيارة قال لي : " ماذا بك ؟"

" لقد قال نادر أنك لا تريدني وأنك أردت تطليقي منذ زمن لأنك شعرت بالملل مني ومن تصرفاتي وانشغالي بالكتابة ولكن بسبب عهدك لوالدي بالعناية بي …"

صمتت وأنا أشتم نادر في أعماقي إن أدهم لا يعرف بأمر أساهير لم يخبره نادر فسألني أدهم :
" ماذا حدث لك بالضبط ؟"

" يوم علمت أنك قادم من السفر أسرعت إلى المطار لاستقبالك وأردت مفاجئتك فجرى ما جرى وأصبت وظللت في المستشفى وأنا حزينة لأنه من المستحيل أن أعود فقد طلقتني طلقة بائنة وكان نادر يحوم حولي تزوجته بعد ذلك فقد كنت يائسة وضائعة فتزوجته على الرغم من أني كنت أحبك أنت "

أوقف السيارة حيث أقيم وهبطنا منها فأرتكز هو بظهره على السيارة وقال : 
" لم أستطع العودة إلى المنزل .. فإنه يمثل ذكرى سعيدة "

" لماذا تظن أن نادر فعل هذا ؟؟"

" إنها غلطتي أنا " نظرت إليه بدهشة عندما قال هذا فتابع مستطردا :

" منذ زواجنا أردتك سعيدة خشيت عليك فقررت تأمين مستقبلك لتستطيعي تحقيق أحلامك التي طالما حدثتني عنها وبعد طلاقنا تابعت أخبارك متوقعا أن أرى نجاحك وعلمت من عبير أنك توقفت عن الكتابة إليها وتوقفت عن التأليف حينها قررت العودة .. الخلاصة يا عزيزتي أن نادر قد علم بما رتبت لك فلابد أنه طمع بذلك "

" إنه يحبني " همست لنفسي ولكني قلت له : لم يخبرني لقد قال لي أنك حين علمت أني متنازلة عن حقوقي قلت له أنك لن تدفعها لإمراءة مثلي " 

فضحك بمرارة وهو يقول : " ما قاله لي مختلف أنك تريدين كل شئ .. الوغد "

ثم قال بسرعة : " هل تعلمين ماذا نهب منك .. نفقة شهرية مقدارها 10 آلاف أرباح الشركة من الصفقات التي تحدث ولك منها النصف .. عمارة ضخمة .. عائد سنوي في رصيدك البنكي الذي كان يتزايد وأنت لا تعلمين عنه "

" هذا كله لي أنا لماذا ؟؟"

تأملني مطولا ثم قال :" ألا تستحقينه ؟ صحيح أني تألمت من الطلاق ولكن ما قاله نادر جعلني أشعر بالذنب متسلط مغرور غير مبالي مشغول دائما .." 

قاطعته بعتاب :

" وصدقته يا أدهم هل بدا لك يوم أني حزينة أو متذمرة لقد أحببت كل شئ فيك ثم أنك حنون ومتواضع ووسيم تقدر مشاعري هل تعلم ماذا قال عني .. باردة .. فاشلة .. مملة …"

فقال بحزم :
" أنت يا أماني ؟؟ لقد كنت سعيدا في زفافنا لقد جعلتني رجلا سعيدا أخبريني إن لم أعجب بك لماذا تزوجتك .. اسمعيني جيدا ألغى وكالة نادر "

" أي وكالة ؟"

فقال لي : " إلغيها واطلبي من البنك عدم صرف أي شئ إلا لك .."

نظرت إليه ثم طلبت منه أن يفعل هو ذلك لكنه تردد فقلت له أني سأقوم بعمل توكيل له ليتولى هو الأمر فوبخني بلطف وهو يقول :

" مازلت حمقاء تثقين بسهولة في الناس "

ولم يدعني أعلق لأنه قال على الفور بأنه يوجد لديه توكيل قديم ليس علينا إلا تجديده وعلى الفور ذهبنا وقمنا بتجديده فأصبح هو المسؤول ولك أن تتصوري منظر المحامي وهو يعرف أني أجعل طليقي مسؤولا عن أموري وأخيرا عدت إلى المنزل مبتهجة سعيدة ودق الجرس لأجد نادر أمامي ذهلت وحاولت غلق الباب فقال لي :


" قابلت أدهم إذن لقد توقعت شيئا حينما علمت بأنك أوقف الإجراءات في البنك "

" ماذا تريد يا نادر ؟"

ضحك وقتها وهو يقول أنه يريد زوجته فأخبرته أني أطلب الطلاق فأخبرنني أنه لن يطلقني ولأفعل ما أشاء وحين أخبرته أنه كان السبب في طلاقي من أدهم ثار وماج وقال إنني زوجته وأنه ليس لي أي حق في ذكر إسمه على لساني وإن لم أعد معه سوف يجلبني بالقوة فرفعت كفي وصفعته ثم أخذت أضربه على صدره إلى أن تعبت وأنهرت 

فضحك ثم أنهال على ضربا وغادر وهو يهددني إن لم أعد معه غدا سوف يجعلني أندم ..

معذرة يا عهود سأكمل معك ما حدث في رسالة قادمة أرجو أن تطمئنيني على رمزي ولا تنسي بأن أدهم يرحب بكما في المستشفى الذي يملكه 

صديقتك 
أماني 



ماذا سيحدث في البارت السادس 

ليست هناك تعليقات:

إرسال تعليق