مازلت أذكر ذلك
اليوم بكل تفاصيله .. أذكر أن الجو كان باردا ممطرا مظلما. كانت ليلة عنيفة تنافس
فيها كلا من البرق والرعد على إظهار قوته
.. سرت وأنا ألعن في أعماقي تلك السيارة
التي لم يحلو لها أن تتعطل سوى الآن .. سطع ضوء البرق فأنار المكان مما جعلني أميز
كائنا أسود فاقتربت من هذا الكائن لأجده فتاة تكتسي بالسواد من أعلى رأسها إلى
قدميها .. فستانا أسود وشعرا أسود ، اقتربت منها ببطء وأنا أتسائل عن هذه المجنونة
الواقفة تتأمل المكان وما أن اقتربت منها رفعت رأسها تنظر إلى وذهل كلا منا ..
" أنت مستحيل
"
ابتسمت حين سمعت عباراتها وهتفت : " ريهام
هذه أنت حقا "
لم تجب وخضعنا لفترة
من الصمت قبل ان أسألها : -
" ريهام لما
الوقوف هنا "
لم تجبني بل ظلت
تحدق بيدي وبالأكياس التي أحملها بصمت فأعدت السؤال مجددا فأجابتني بصوتها الدافئ
: " إنها تمطر "
تساءلت في دهشة ما
علاقة المطر بالوقوف تحته فقلت لها : " حسنا جدا لكن راقبيه من خلف النافذة
أو ما شابه ... "
ابتسمت بغموض الغموض
ذاته الذي عرفتها به .. لم تجب ولم تعلق بل سألتني :
" كيف هي زوجتك
وطفلتك "
شعرت بالسعادة حين
سألتني فقلت لها : " وفاء بخير .. أما سلوى فقد أصبح لها شقيق وهو ماهر
"
" مبارك "
لست أعلم لما اكتنفني شعور غريب فسألتها عن عائلتها
فقالت لي : إني
أنتظر زوجي
نظرت إليها بدهشة أي
زوج تنتظره في هذه اللحظة ..وقبل أن أقول لها شيئا ظهر وجه حنون من خلف الباب
هاتفا :
" ادخلي ريهام
.. ادخلي يا عزيزتي .. سيطول انتظارك لن يأتي الليلة "
فخفضت ريهام رأسها
ودخلت المنزل .. تركتني حائر في أمرها فنظرت إلى والدتها لعلها تخبرني شيئا ..
" أحمد كيف
حالك يا بني .. كيف هي أسرتك "
" ما بالها
ريهام تبدو غريبة "
ارتسم الحزن على
وجهها وهي تقول :
" إنها تنتظر
زوجها الذي خرج في مثل هذا الطقس.. لقد خرج وهو يعدها بهدية انتظرته بشوق تحت
المطر لكنه ذهب ولم يعد لقد مات في حادث أمام عينيها وهو يعبر الشارع محملا
بالهدايا .. وهي المسكينة لم تحتمل الصدمة فأصابها خلل في دماغها .. هل رأيت ما
الذي حدث لريهام "
وتركتني أحدق ذاهلا
فيما قالته ... لقد انهارت أجمل فتاة في الحي
إنها الحياة لا تترك
الإنسان على حاله .. فأسرعت الخطى نحو منزلي لأرى زوجتي والطفلين من النفاذة ..
فشعرت بالراحة لأنهم هناك بخير ولأن وفاء ليست وحيدة فمعها الطفلين يؤنسانها ...
6 / 7 / 1418هـ .......... الساعة الخامسة عصرا
ليست هناك تعليقات:
إرسال تعليق