الجمعة، 3 يناير 2014

ابتسام - الفصل الاول


الفصل الأول

" بنتي.. بنتي ستموت أنقذوها"
نظر أحمد إلى الرجل الهائج واقترب منه وهو يسأله بحنان:
" ماذا بك يا عم ؟؟"

تمسك الرجل بأحمد وهو يهتف بضراعه :
" بنتي يا د كتور.. بنتي انقذها أرجوك"
خلص احمد نفسه من الرجل وهو يطمئنه ويندفع إلى حجرة الطوارئ وهناك سأل:
" ماذا لدينا هنا؟"
أجابه طبيب:
" حالة إعتداء.. جروح نزيف.. إصابة بالغة في الساق وانخفاض شديد في ضغط الدم"
اقترب احمد وتأمل الفتاة الفاقدة الوعي وتعاون مع فريق الطوارئ إلى أن استقرت حالة الفتاة ووضعت في إحدى الحجرات تحت العناية المركزة وبعد أن تأكد أحمد من وضعها الصحي اصطحب الأب وأجلسه في مكتبه وسأله عما حدث فتنهد الأب وامتلأت عيناه بالدموع واندفع يصيح وهو يحكي له ما حدث:
" كنا في الخلاء حيث هجم علينا مجموعة من الرجال اعتدوا على زوجتي وقتلوها مع ابني وكادوا أن يقتلوا ابتسام لولا ان حضر رجال الشرطة في الوقت المناسب"
تأمل أحمد الرجل متعاطفا ثم ربت على كتفه وهو يقول:
" اطمئن يا عم ستلاقي ابنتك هنا العناية الفائقة اذهب أنت لواجباتك الاخرى"
نظر الرجل إلى احمد ممتنا وغادر وكتفيه تحملان أثقالا..
توجه احمد إلى حجرة الفتاة وجس نبضها وفي تلك الأثناء فتحت عيناها فابتسم لها لكنها حاولت نزع ذراعها فأمسك بها بقوة وهو يهدئها فهدأت قليلا وهي ترمقه بنظرات جامدة بينما فحص هو ساقيها وسألها:
" هل تشعرين بألم في ساقك هنا يا ابتسام؟"
طال انتظاره للجواب فرفع رأسه ليجدها ساهمة النظرات تحدق في المجهول فعاد وضغط على ساقها فلاحظ أنها لا تستجيب على الإطلاق فرفع راسه إلى الممرضة المرافقة وقال لها بالإنجليزية :
" اسرعي واطلبي دكتور عبد الله "
اسرعت الممرضة لتنفذ طلبه بينما اقترب احمد من ابتسام ووضع السماعة على صدرها فتلاقت نظراتهما فابتسم مطمئنا لكن وجهها بدا له كأنه قد من الصخر، دخل عبد الله في تلك اللحظة وهو يتحدث بصوت مرتفع كعادته فابتسم احمد وقال له:
" يا عبد الله ما زالت ابتسام متعبة والان ارى انه من الواجب عمل مزيد من الفحوصات على ساقها"
نظر إليه عبد الله بتساؤل فأكمل احمد :
" إنها لا تستجيب للضغط على ساقها كانها لا تشعر بها"
فتقدم عبد الله واخذ يحرك ساق الفتاة ثم وضعها وهو يلقي على الممرضة بعض الأوامر ثم خرج مع احمد وهو يقول:
" ستكون النتائج لدينا غدا بإذن الله وسنعرف ماذا بها"
" إن شاء الله "
وابتعد احمد وهو يفكر في الكائن الصغير المسمى ابتسام لكنه سرعان ما تنحي الأمر عن ذهنه وهو يفكر في مرضى آخرين إلى أن وصل إلى حيث يقطن وما أن دخل سمع صوتا يتساءل:
" من حضر؟ "
" أنا أحمد يا أمي" وتقدم نحو أمه وقبل كفها فابتسمت وهي تدعوا له:
" ربنا معاك يا احمد لقد تأخرت هل هي حالة مستعجلة مرة أخرى "
أومأ برأسه إيجابا فابتسمت بحنان وهي تأمره بحزم:
" إذن اصعد إلى حجرتك واستبدل ملابسك ريثما اقوم بوضع الطعام "
لوحد احمد بكفه بلا معنى وهو يقول :
" لا داعي يا امي لقد تناولت طعامي"
فابتسمت والدته بإشفاق وهي تراقبه ثم غمغمت وهي ترفع رأسها :
" الله معاك يا ولدي "
بينما ألقى احمد بجسده المنهك على الفراش وهو يفكر في عائلته التي لا يمضي معها وقت كافي وتذكر قبل ان ينام انه مع قدوم الغد سيكون قد مر على زواج والديه اربعون عاما وقرران يبتاع لهما هدية وشعر بالحيرة لعجزه عن التفكير في هدية مناسبة وبلا وعي اتجهت افكاره نحو ابتسام كم تبدوا صغيرة و ضعيفة لقد عبث بها الزمن وحطمها قبل الأوان اقد علم من والدها ان ما حدث لها كان محاولة اغتصاب نجت منها ولكنها خرجت بالكثير من الجروح والندوب لكن أحمد شعر بالريبة من والدها هناك شعور غريب ينتابه حين يراه إنه لا يشعر بالراحة لوجوده وابتسام تخافه ويزداد توترها حين تراه ..
عقد أحمد حاجبيه وهو يطالع التقرير الطبي لابتسام ثم نهض وتوجه إلى حجرتها مع الممرضة التي سبقته لتهئ الفتاة للفحص وحين دخل شعر بالإشفاق وهو يرى ملامحها الشاحبة فسألها بلطف:
" هل آلمتك الفحوصات"
حركت رأسها نفيا فتحسس ساقها بلمسات خبيرة وهو يرفعها ويخفضها ويثني اصبعها  وسألها:
" كيف انت الان يا ابتسام؟ "
ابتسمت ابتسامة باهتة وهي تهمس :
" الحمد لله على كل حال "
" ونعم بالله "
وخرج من حجرتها وتوجه إلى مكتب صديقه وصهره الدكتور عبلد الله الذي رحب به بمرح وموده فسأله احمد عن شقيته وطفليها ثم سأله بجدية :
" ما رأيك بحالة ابتسام ؟"
نظر عبد الله إليه بدهشة ثم اجابه :
" لقد تلقت إصابات مباشرة اتساءل ما الذي جعلهم يتنزهون هناك إنها مخاطرة غير محسوبة "
صمت احمد مفكرا ثم قال:
" إن إصابتها قوية وبنيتها ضعيفة ولكن الذي أثار ريبتي كسر قديم قد إلتئم ولم تخبرني ابتسام عن السبب ووالدها كالمجنون خصوصا حين منعت الزيارة عنها "
أومأ عبد الله برأسه وهو يعلق:
" أجل لقد رأيته قبل يومين قبل أن ننتهي من الفحوصات واخذ يتوسل ان يراها و.." قطع عبارته وهو يسأله بغته :
" لماذا انت مهتم بهذا الأمر يا احمد؟"
نظر إليه أحمد بدهشة وهو يجيبه:
" إنها مريضة ومرضها يدخل في صميم تخصصي ثم أني قد وعدت والدها بالاهتمام بها "
فابتسم عبد الله بخبث وهو يسأل:
" فقط؟"
فسأله احمد بصرامة:
" ماذا تقصد؟"
فابتسم عبدالله هو يجيبه:
" إن الفتاة جميلة وانت رجل ناضج وقد علق حامد على جمالها وغضب لأنك منعته من متابعة حالتها واحتكرتها لنفسك"
بدا الغضب على وجه احمد وهو يهتف:
" تحشم يا عبدالله إني طبيب وهذا واجبي ولقد منعت حامد من الكشف عليها لانه كان يتلكأ عندها ويضايقها بحديثه لقد لاحظته ولاحظت عدم تجاوبها معه وحامد يظن نفسه في امريكا لا ت نسى اننا في بلد عربي مسلم حيث يجب ان نراعي العورات"
شحب وجه عبد الله وهو يتعلثم :
" لم أقصد شئ يا صديقي صدقني لقد كنت امزح"
فابتسم احمد وهو يربت على كتفه ثم سأله بمرح:
" والآن اخبرني كيف حال شقيقتي في حملها الرابع هذا؟"
بدا عبد الله وكأنه نسى كل شئ وهو يحكي لاحمد عن حملها وفرحه لأنه سيكون  أب للمرة الرابعة..






















ليست هناك تعليقات:

إرسال تعليق