ليتك تدري كم احبك
الفصل الاخير
ظل أديب صامتا وغائبا طوال الأسبوع عن المنزل بينما ظلت سالي تخفي حزنها وهي تضحك لصغيرها ولم يحضر أديب إلا لأوقات قصيرة ليرى بها طفله وليعمل على أوراقه ولم تحاول ازعاجه بل ظلت صامته تتأمل ملامحه الوسيمة وشعرت بالألم لأنه يتجاهلها بهذه الدرجة
.
.
" هل أنت بخير يا سالي ؟"
أفزعها السؤال فنظرت إليه بذهول مدركة أنه كان يراقبها بدقة فبللت شفتها وهي تهز رأسها فنهض أديب وجلس بقربها ووضع كفه على جبهتها ثم عقد حاجبيه وهو يقول :
" لا تنسي إني كنت طبيبا كما توقعت حرارتك مرتفعة انظري إلى يديك كم ترجفان هيا انهضي لفراشك
"
لم تكن سالي مستعدة لجذبه لها فتهاوت على صدره مما دفعه لحملها ووضعها في الفراش ثم أمرها بالنوم فغفت تحت تأثير التعب ..
ارتفعت درجة حرارتها بغته وأخذ جسدها يرتجف مكث أديب بجوارها ليخفف من حرارتها ولكن جسدها كان مبتلا من العرق فبدل لها ملابسها وهناك رأى آثار على جسدها أثارت استغرابه فقرر أن يسألها عنها حينما تستعيد قواها .. في الصباح فتحت سالي عينيها ورفضت معدتها تناول الطعام فأخرجته كله بعنف وتعثرت وهي تعود لفراشها فساعدها أديب على العودة وبعدما استرخت سألها بخفوت :
" ما سبب هذا الأثر في جسدك يا سالي ؟"
نظرت إليه بدهشة تحولت إلى ألم وحزن ولم تجبه بل أخذت تسعل بقوة وألم ارتجف لها قلبه فضمها إليه برفق ورويدا رويدا بدأت تسترخى على صدره مما دفعه إلى وضعها على الفراش برفق ..
تماثلت سالي للشفاء بعد اسبوعين ولكنها ظلت تتساءل هل قالت شيئا في غيبوبتها لأن عينا نشوى شقيقة أديب كانتا ترمقانها بخبث طوال الوقت فسألتها بغته :
" نشوى ماذا بك ؟؟"
ضحكت نشوى ولم تتحدث فسألت أديب :
" أخبرني هل قلت شيئا مخجلا لا أعلم به ؟"
نظر أديب إليها بدهشة فاستطرت :
" إن نشوى ترمقني بخبث طوال الوقت وكأنها تعرف شيئا لا أعرفه
"
ابتسم أديب ثم قال بهدوء :
" لا تقلقي يا عزيزتي فلم تقولي سوى آسفة ، لم أقصد وأشياء مثل هذا القبيل
"
فنظرت إليه بشك مما دفعه للضحك وساعدها على أن تعتدل جالسة ولاحظت قميص النوم الذي ترتديه فعدلت من وضعه على كتفيها تحت أنظار أديب وحين رفعت رأسها شعرت بالحرج وقالت :
" لقد ساعدتني كثيرا خلال تعبي يا أديب شكرا لك
..لقد بدلت ملابسي كثيرا ولم أفعل سوى التقيؤ والعرق "
فضحك وهو يقول :
" لقد كان الأمر عاديا هل نسيت أني كنت طبيبا
"
وحل الصمت بينهما للحظة قطعه أديب بسؤاله :
" ما سبب الآثار على جسدك يا سالي إنها قديمة ولكن أثارت فضولي؟"
" آثار ؟؟"
فنهض أديب وسحب الغطاء ثم رفع قميص نومها وخلعه بسرعة احمر وجهها خجلا وحاولت أن تغطى جسدها لكنه سار بكفه على جنبها وأسفل صدرها فعضت سالي على شفتيها وهي تغمغم :
" إنه لا شئ فقط شئ قديم
"
فنظر أديب إلى وجهها ثم جذبها إليه بقوة وطغت عواطفه عليهما تماما.
ابتسمت سالي بخجل لأديب فضحك وهو يقول :
" كعروس ليلة الزفاف
..انزعي الخجل عنك "
فضحكت برقة وهي تضع طفلهما في كرسيه ليلهو بلعبته المطاطية فابتسم أديب بحب وهو يهمس :
" هل كنت جادة فيما قلته
..أنك تحبينني وأني أدخل الحياة إلى قلبك "
" وهل تشك بذلك ؟!"
ألقى أديب برأسه على الأريكة وهو يقول :
" لست أدري يا سالي
..أشعر بحبك وأنك لي وحدي ولكن هل تحبينني كما أحببت أخي الأكبر ؟"
صمتت سالي وهي تجثو على ركبتيها أمامه وتقول :
" لقد كان زوجي الأول يا أديب
..لكني أحبك ولم أحلم يوما بأني قد أحمل هذه العاطفة لأحد من قبل "
" حتى لأخي الأكبر ؟"
أومأت برأسها إيجابا فجذبها لتجلس بجواره فابتسمت وهي تقول :
" إنك مختلف عنه كثيرا يا أديب لكني في بعض الأحيان أتنمى لو أنك الوحيد والأول في حياتي
"
حدق أديب بها للحظة قبل أن يقول :
" كان من الممكن أن يحدث هذا لو لم يكن أخي الأكبر قد اقتنع بالزواج منك قبل أن أطلب ذلك حين رأيتك
"
" رأيتني ؟؟"
أومأ برأسه وهو يهمس :
" كنت مع نشوى في حجرتي تعبثان في مكتبتي حين مررت ورأيتك مستلقية على فراشي تتحدثين مع نشوى بينما هي تعبث في المكتبة لقد دخلت قلبي وأرت أن أطلبك لكن والدتي أرادتك لأخي الأكبر فقررت السفر بعيدا
"
نظرت إليه سالي بدهشة فابتسم ثم سألها :
" ما سبب الأثر يا سالي ؟؟"
صمتت سالي ثم قالت :
" لم يكن فريد بالملاك الذي تظنه ؟؟"
حدق بها بدهشة بينما أخذت هي تحكي له ما حدث يوم ذهبت لوالدتها وكيف انتهى الأمر بينهما فصمت أديب ثم همس :
" كم تمنيت لو كنت الأول في حياتك
"
فابتسمت وهي تقبله لقد عادت المياه لمجاريها وعاد أديب سعيد في زواجه وسالي أشرقت بالسعادة أكثر ولم يعد هناك ما يزعجها ويكدر حياتهما وظلا على صفائهما لمدة شهرين حتى أخبرت سالي أديب بكونها حامل فابتهج لحملها وأخذ يراقب تتطورات حملها كطبيب سابق وزوج فرح إلى أن أيقظته سالي في أحد الليالي وهي تتوجع فنهض مذعورا وحاول تحريكها لكن الألم الذي كان بها جعله لا يجيد التصرف فأتصل بوالدته التي حضرت بسرعة مع والده وطلبت من والدها الإتصال بالإسعاف لأنها على وشك الولادة وبين تأوهات سالي ارتجف أديب وهو يجفف جبينها وقبل أن تحضر الإسعاف أدركت والدة أديب بخبرتها أن سالي في حالة الطلق الأخير فأخرجت ولدها من الحجرة .
ظل أديب غاضبا يدور خارج الحجرة وهو يحتج على طرده لأنه طبيب سابق فضحك والده وهو يطمأنه بأن والدتها لها خبرة في الولادة المنزلية وحين حضرت الإسعاف سمع كلاهما صوت بكاء الطفل فحول الدخول لكن والدته صاحت من الداخل تمنه وهي تصيح:
" ولد ثاني يا أديب مبروك
"
أفسح الطريق للممرضة وسأل والدته :
" سالي يا أمي كيف هي ؟؟"
" انتظر يا ولدي ساعة واحدة وتدخل
"
وكما وعدته بعد ساعة دخل أديب واقترب من زوجته بمهل ففتحت عينيها وهي تقول:
" ولد يا أديب هل رأيته إنه وسيم
"
فابتسم ومال يقبلها فأغمضت عينيها وغفت فأصلح أديب الغطاء وخرج مبتهجا .
استعادت سالي نشاطها بسرعة وشعرت بالسعادة بفعل ملاطفات أديب واصراره الدائم على مساعدتها في لباسها واطعام الصغير وتحميمه فمرت أشهر النفاس بسرعة وأخذت سالي تزهو بجسدها الرشيق أمام المرآة وهي تقول :
" لم تؤثر الولادة في جسدي بعد
"
وأرتدت فستانا ضيقا وخرجت ليصفر أديب فضحكت وهي تلف حول نفسها فقال أديب :
" هل تريدين إثباتا على أنك ذات جسد جذاب لا يقاوم يا سالي
"
فضحكت برقة وهي تجلس بجواره فهمس بلطف :
" هل تعرفين يا سالي إني أشكر الله عليك كثيرا فأنا في سعادة كبيرة وأتمنى من الله أن يزيدها
"
فابتسمت سالي وهي تدعوا مثله وفجأة قالت له :
" والآن سأقدم لك هدية ميلادك فاليوم يا زوجي العزيز أنت في الواحدة والثلاثون من عمرك
"
وأخرجت علبتين من تحت الأريكة وقدمتها له ففضها بسرعة ليجد في أحدها بيجاما نوم طقم حلاقة والأخرى كانت عبارة عن مجموعة كتب قديمة لوالدها وطقم كتب قديم فتأمل الهدية بصمت ثم قال:
" إنها لوالدك سأعتني بها دوما ولكن أخبريني هل أرتدي البيجاما الليلة ؟"
ضربته على كتفه ثم أعطته دفتر مذكرات أحمر أخذ يقرأه بصمت فتركته ودخلت لحجرة النوم ..وبعد ساعة دخل أديب الحجرة وهو يقول :
" لكن سالي هذا كثير أنا لا أستحقه أبدا فحبك يكفيني دوما وعاطفتك الحقيقية نحوي تشعرني وكأني الرجل الأول في حياتك دوما وهذا يكفيني
"
وختم قوله بضمها إلى صدره وسمعها تهمس :
" أحبك يا أديب
..ولقد أحببتك من قبل دوما ولكني كنت غبية وعنيدة وهذا لن يحدث مجددا "
وخيمت السعادة عليهما وسالي مبتهجة لأنها تزوجت أديب ولم تظل على عنادها في الرفض فهو الرجل الذي حملها على صهوة جواد كما يحدث في الروايات الأجنبية فأطفأت الأضواء واستلقت بجواره ليخبرها كم يحبها وكم سيحبها في المستقبل أكثر وأكثر وسيحملها على ظهر الجواد مجددا ليحلقا في عالم مليء بالحب .. تمت
ليست هناك تعليقات:
إرسال تعليق